أحببت أن أشارككم هذه القصة للعبرة و الموعظة…لا تتغتر بما أعطاك الله فهو الخالف والهادي
وهو شديد العقاب أيضا…
خلق الله عز وجل (سوميا) أبو الجن قبل خلق آدم عليه السلام بألفي عام ..
وقال
عز وجل ل(سوميا): تمن .. فقال ( سوميا): أتمنى أن نرى ولا نرى، وأن نغيب
في
الثرى، وأن يصير كهلنا شابا .. ولبى الله عز وجل ل(سوميا) أمنيته، وأسكنه
الأرض له ما يشاء فيها .. وهكذا كان الجن أول من عبد الله في الأرض.
(المصدر
قول ابن عباس رضي الله عنه ).
لكن أتت أمة من الجن، بدلا من أن يداوموا الشكر لله على ما أنعم عليهم
من
النعم، فسدوا في الأرض بسفكهم للدماء فيما بينهم .. وأمر الله جنوده من
الملائكة بغزو الأرض لاجتثاث الشر الذي عمها وعقاب بني الجن على إفسادهم
فيها .
وغزت الملائكة الأرض وقتلت من قتلت وشردت من شردت من الجن .. وفر من الجن
نفر قليل، اختبئوا بالجزر وأعالي الجبال .. وأسر الملائكة من الجن (إبليس )
الذي كان حينذاك صغيرا، وأخذوه معهم للسماء. (المصدر تفسير ابن مسعود ).
كبر (إبليس) بين الملائكة، واقتدى بهم بالاجتهاد في الطاعة للخالق سبحانه …
وأعطاه الله منزلة عظيمة بتوليته سلطان السماء الدنيا .
وخلق الله أبو البشر (آدم) عليه السلام .. وأمر الملائكة بالسجود ل(آدم ) ،
وسجدوا جميعا طاعة لأمر الله عز وجل، لكن (إبليس) أبى السجود .. وبعد أن سأله
الله
عن سبب امتناعه قال: ((أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين ))..
وطرد الله عز وجل ( إبليس) من رحمته، عقابا له على عصيانه وتكبره … وبعد
أن رأى
( إبليس) ما آل إليه الحال، طلب من الله أن يمد له بالحياة حتى يوم
البعث،
وأجاب الله طلبه .. ثم أخذ (إبليس) يتوعد (آدم) وذريته من بعده بأنه سيكون
سبب طردهم من رحمة الله .
قال تعالى: {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين . فإذا سويته ونفخت
فيه من روحي فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس استكبر
وكان من الكافرين . قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت
أم
كنت من العالين .. قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين .
قال فاخرج
منها فإنك رجيم . وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين . قال رب فأنظرني إلى
يوم
يبعثون . قال فإنك من المنظرين . إلى يوم الوقت المعلوم . قال فبعزتك
لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين . قال فالحق والحق أقول .
لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} آيات 71 85 سورة ص .
وأسكن الله عز وجل (آدم) الجنة، وخلق له أم البشر (حواء) لتؤنسه في وحدته، وأعطاهما
مطلق الحرية في الجنة، إلا شجرة نهاهما عن الأكل منها .. قال تعالى: {أسكن
أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من
الظالمين} آية 35 سورة البقرة .
في حين بقيت النار في داخل (إبليس) موقدة، تبغي الانتقام من (آدم) الذي يراهما
السبب في طرده من رحمة الله.. وهو غير مدرك أن كبره وحسده ل(آدم)
اللذان أضاعا منه منزلته التي تبوأها بين الملائكة، وضياع الأهم طرده من رحمة
ربه .
كانت الجنة محروسة من الملائكة الذين يحرمون على (إبليس) دخولها كما أمرهم
الله بذلك .. وكان (إبليس) يمني النفس بدخول الجنة حتى يتمكن من (آدم) الذي
لم يكن يغادرها .
فاهتدى لحيلة .. وهي أنه شاهد الحية يتسنى لها دخول الجنة والخروج منها، دون
أن يمنعها الحراس الملائكة من الدخول أو الخروج .. فطلب من الحية مساعدته
للدخول للجنة، بأن يختبئ داخل جوفها حتى تمر من الحراس الملائكة … ووافقت
الحية، واختبئ (إبليس) داخلها حتى تمكنت من المرور من حراسة الملائكة لداخل
الجنة دون أن تكتشف الحيلة .. وذلك لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه .
( المصدر تفسير ابن كثير ).
وطلب ( إبليس) من الحية أن تكمل مساعدتها له، ووافقت .. وعلم (إبليس) بأمر
الشجرة التي نهى الرب سبحانه (آدم) و(حواء) من الأكل منها، ووجد أنها المدخل
الذي سيتسنى له منه إغواء (آدم) و(حواء) حتى يخرجهما عن طاعة الله وخروجهما
> من رحمته تماما كحاله ..
ووجد (إبليس) والحية (آدم) و(حواء) داخل الجنة، فأغوى (إبليس ) ( آدم)، بينما
أغوت الحية (حواء) حتى أكلا من الشجرة، بعد أن أوهماهما بأنهما من الناصحين،
وأن من يأكل من هذه الشجرة يصبح من الخالدين، ومن أصحاب ملك لا يبلى .
وغضب الله على (آدم) و(حواء) لأكلهما من الشجرة .. وذكرهما بتحذيره لهما :
{ ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين} آية 22
سورة الأعراف .
لم يجدا (آدم) و(حواء) أي تبرير لفعلتهما سوى طلب المغفرة: {ربنا ظلمنا
أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} آية 23 سورة الأعراف .
وحكم الله على (آدم) و(حواء) و(إبليس ) والحية بعد ما حدث: {اهبطوا بعضكم
لبعض
عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } آية 36 سورة البقرة .
وهبط (آدم) و(حواء) من السماء إلى الأرض وتحديدا في الهند كما ذهب أكثر
المفسرين .. في حين هبط (إبليس) في “دستميسان” على مقربة من البصرة .. وهبطت
الحية في أصبهان. (المصدر البداية والنهاية لابن كثير ).
وتاب الله على (آدم) و(حواء)، ووعدهما بالفوز بالجنة إن اتبعا هداه، وبالنار
إن ضلا السبيل: {فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا
وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }.
(( المواجهة في الأرض بين الإنس والجن .. وإبليس يبني مملكته ))
كانت الأرض صحراء مقفرة، لكن الله أعطى (آدم) من ثمار الجنة ليزرعها بعد أن
علمه صنعة كل شيء .. وزرع (آدم) ثمار الجنة على الأرض، وأنجب من ( حواء
)
الأولاد، وبقي على طاعة ربه فيما أمر واجتناب ما نهى عنه .
ولم يخمد (إبليس) نار عداوته ل(آدم) رغم ما فعل بطرد أبو البشر من الجنة ..
فكان يمني النفس أن يحرم عليه الجنة للأبد تماما كحاله .. لكن ما العمل؟
فهو يرى أن عداوته قد انكشفت، ولم يعد بإمكانه مواجهة (آدم) الذي هو على
طاعة الله قائم، غير أن (إبليس) بالأصل ضعيف كما أخبرنا سبحانه بذلك: {إن
كيد الشيطان كان ضعيفا} آية 76 سورة النساء، ولا قوة له إلا على الضالين :
{ فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين }.
لذا اختار أن يستخدم سلاحه ” الوسوسة”، لكن ليس على (آدم) و(حواء) بل على
أبنهم (قابيل) الذي كان يمني النفس بالزواج من توأمته التي شاء الله أن
يتزوجها أخيه (هابيل) .. فوسوس ( إبليس) ب(قابيل) قتل أخيه (هابيل) فحدث ما
حدث من القتل ……… والقصة في ذلك مشهورة .
ووجد (إبليس) بذلك أن ذرية (آدم) هدفه .. فتجنب (آدم ) و(حواء) لإيمانهما
القوي وتوبتهما العظيمة، ووضع جل أهدافه في ذريتهما التي رآها أضعف أمام
> الأهواء .. فبدأ شره يظهر للوجود وبلا حدود .
ماتا (آدم) و(حواء)، وظن (إبليس) أن موتهما انتهاء لهروبه من المواجهة، وأن
بإمكانه الظهور علنا للبشر وشن حربه عليهم، لأنهم ضعفاء لا يقدرون على
المواجهة .. فظهر للعلن ومعه خلق من شياطين الجن والمردة والغيلان ليبسط
نفوذه على الحياة في الأرض .
لكن الله شاء أن ينصر بني الإنس على الجيش الإبليسي الذي أسسه (إبليس) من
الجن والمردة والغيلان، حين نصرهم برجل عظيم اسمه (مهلاييل) ونسبه هو :
” مهلاييل بن قينن بن انوش بن شيث عليه السلام بن آدم عليه السلام” ..
ويروى
أنه ملك الأقاليم السبعة وأول من قطع الأشجار .
قام (مهلاييل) بتأسيس مدينتين محصنتين هما: مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى،
ليحتمي بها الإنس من أي خطر يهددهم .. ثم أسس جيشه الإنسي الذي كان أول
جيش
في حياة الإنس للدفاع عن بابل والسوس الأقصى، وقامت معركة رهيبة بين جيش
( مهلاييل) وجيش (إبليس)، وكتب الله النصر بها للإنس، حيث قتل بها المردة
والغيلان وعدد كبير من الجان، وفر (إبليس) من المواجهة. (المصدر البداية
> والنهاية لابن كثير ).
بعد هزيمة (إبليس) وفراره من الأراضي التي يحكمها (مهلاييل) .. ظل يبحث عن
مأوى يحميه ومن معه من شياطين الجن الخاسرين في المعركة ضد (مهلاييل ) ..
واختار أن يكون هذا المأوى بعيدا عن مواطن الإنس، يبني به مملكة يحكمها وتلم
شمل قومه شياطين الجن الفارين من غزو الملائكة آنذاك .. فأي مأوى اختار
( إبليس) لبناء مملكته؟
طاف (إبليس) في الأرض بحثا عن المنطقة الملائمة لبناء حلمه .. ووقع اختياره
على منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين .. وكان اختياره لهاتين المنطقتين
لأسباب عدة هي :
تقع منطقتي برمودا والتنين على بعد آلاف الأميال عن المناطق التي
يستوطنها البشر آنذاك ..
أراد (إبليس) أن تكون مملكته في المواطن التي فر إليها معظم شياطين الجن
إبان غزو الملائكة والتي كانت لجزر البحار التي يصل تعدادها عشرات الآلاف .
استغل (إبليس) قدرات الجن الخارقة في بناء المملكة، والتي كان من أهم تلك
القدرات التي تلائم طبيعة البحر ما ذكرها القرآن الكريم: {والشياطين كل بناء
> وغواص} آية 37 سورة ص .
وبعد ذلك وضع عرشه على الماء، وأسس جيشه من شياطين الجن الذين التفوا حوله في
مملكته، ينفذون كل ما يأمرهم به .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن
الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة
أعظمهم عنده فتنة، يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا
وكذا، فيقول إبليس: لا والله ما صنعت شيئا، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى
فرقت بينه وبين أهله، قال: فيقربه ويدنيه ويقول: نعم أنت)) رواه مسلم .
ووضع (إبليس) للحيات مكانة خاصة عنده، جزاء ما فعلت له الحية في السماء من
مساعدة تسببت في خروج (آدم) و(حواء) من الجنة .. وذلك بأن جعلها من المقربين
لعرشه .. في مسند أبي سعيد: عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال
لابن صائد: ((ما ترى))؟ قال: أرى عرشا على البحر حوله الحيات، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((صدق ذاك عرش إبليس )).
وأسس (إبليس) مجلس وزرائه الذين سيقود مخططاته الشيطانية في عالم الإنس .. عن
كتاب “آكام المرجان للشلبي” روي عن (زيد) عن (مجاهد) قوله : (( لإبليس خمسة
من
ولده، قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره، ثم سماهم فذكر : ثبر،
الأعور،
سوط، داسم، زلنبور .. أما ثبر فهو صاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور وشق
الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية .. وأما الأعور فهو صاحب الزنا الذي يأمر
به ويزينه، وأما سوط فهو صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيخبره بالخبر
فيذهب الرجل إلى القوم فيقول لهم: قد رأيت رجلا أعرف وجهه وما أدري أسمه
حدثني بكذا وكذا .. أما داسم فهو الذي يدخل مع الرجل إلى أهله يريه العيب
فيهم ويغضبه عليهم .. أما زلنبور فهو صاحب السوق الذي يركز رايته في السوق .
ولم يكن (إبليس) وشياطين الجن فحسب من تسنى لهم بناء مملكة قوية، بل أيضا
الإنس بنوا حضارات عظيمة، حتى غدى العالم لبني الإنس قرية صغيرة، ولم يعد
المكانين المنعزلين عن العالم المسميين برمودا والتنين غائبتين عن عيون
الإنس، ذلك أن بفضل التكنولوجيا المتطورة التي اخترعها الإنس من طائرات حلقت
في السماء، وسفن طافت البحار، وغواصات بلغت كل قاع، جعلت كل شيء تحت مرمى
الأبصار
وظلت مملكة شياطين الجن آمنة لعصور عدة .. لكن ما أن عرف الإنس ركوب البحر
ومرورهما بكلتا المنطقتين، إلا وأدرك شياطين الجن الخطر الذي يهددهم ..
فاختطفوا أعدادا من السفن والقوارب والغواصات والطائرات التي ربما رأت سرا
عن عالم شياطين الجن، فخشي الجن افتضاح أمرهم، وبالتالي خسارة مملكتهم، كما
خسروا من قبل الأرض التي كانوا وحدهم يعيشون فيها، وخسروا معركتهم مع
( مهلاييل) الذي شردهم عن الأراضي القريبة من مواطن الإنس .. فعمدوا إلى
الاختطاف كل طائرة وسفينة ونحوهما مارة .. حتى حققوا بذلك نصرا عندما صدر
قرار دولي بمنع الملاحة في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين .
من المعروف لدى العقلاء ومن باب أولى كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام أن الأخبار
من الله تعالى جاءت لتنص على أن إبليس من أهل جهنم ، بل قل من
حطبها ، وأن هذه الأخبار لا تتعرض للنسخ بإجماع أهل العلم ، بل بإجماع من
به عقل ، وإلا لأصبح الخبر كذبا ، وحاشا لله أن يخبرنا أن إبليس من
أهل جهنم ، ثم نجده من أهل التوبة .!
وأقول: يا أخوتي على اختلاف مستوياتكم إن جاء إبليس إلى أحد منكم ، وقال له:
إنني سأتوب ، فهل سينطلي عليه كلام إبليس .؟ فكيف انطلت قصة إبليس (المزعومة) على
موسى عليه الصلاة والسلام ، فطمع في توبته .!!!!!
ولماذا يصر الجفري على إخفاء مصادر القصص العجيبة التي (يرويها) يروج لها على الفضائيات ،
وفي المساجد ؟
ألا تكفي هذه القصة الساقطة ، التي يرفضها كل مسلم عاقل ، في الكشف عن
مخالفات الجفري للقرآن العظيم؟
لقد ادعى أن إبليس طلب من موسى عليه الصلاة والسلام أن يشفع له عند الله
تعالى!
ونسي الجفري أن الله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز أن إبليس قال له: {فأنظرني إلى
يوم يبعثون} 36 الحجر
ولعله لم يقرأ قوله تعالى في سورة النساء: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن
يدعون إلا شيطانا مريدا (117) لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا (118) ولأضلنهم
ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون
الله فقد خسر خسرانا مبينا} (119)
ثم ادعى الجفري أن موسى عليه الصلاة والسلام قبل أن يشفع لإبليس عند الله !!
ونسي الجفري كعادته أن الله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز عن قول موسى في إبليس:
{فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} 15 القصص.
ثم الطامة الكبرى بعد ذلك ، عندما تجرأ الجفري على الله تعالى فادعى أن الله
سبحانه قبل شفاعة موسى في إبليس وقال له: أخبر إبليس أنني قد قبلت توبته وغفرت
له (هكذا بصيغة الماضي!) بشرط أن يسجد عند قبر آدم ! وكالعادة فقد نسي الجفري
أن الله تعالى قال في محكم كتابه: {وكان الشيطان لربه كفورا} 27 الإسراء. {إن الشيطان
كان للرحمن عصيا} 44 مريم .
وقال الله مخاطبا إبليس: {قال فاخرج منها فإنك رجيم ، وإن عليك اللعنة إلى يوم
الدين ، قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال فإنك من المنظرين ، إلى
يوم الوقت المعلوم ، قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين ،
إلا عبادك منهم المخلصين ، قال هذا صراط علي مستقيم ، إن عبادي ليس لك
عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ، وإن جهنم لموعدهم أجمعين} الحجر
ثم ، وبكل برود ، يقول الجفري إن موسى عليه الصلاة والسلام وجد أن الأمر
بسيط ؛ ما هي إلا سجدة ؛ فرجع إلى إبليس فرحا وهو يقول له: أبشر
أبشر !!! إن الله قد غفر لك وتاب عليك (أيضا بصيغة الماضي!) شريطة أن تسجد
عند قبر آدم .. وهنا كانت الصدمة الكبرى ، لقد رفض إبليس هذا العرض المغري
من الله ورد وساطة موسى وحافظ على موقفه الأول ؛ فما ينبغي له أن يغير
مواقفه ! .
أرأيتم أيها الإخوة ماذا فعل الجفري ؟ لقد أظهر إبليس وكأنه صاحب مبادئ (طبعا علل
ذلك بأنه الكبر) في حين أظهر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وكأنه غافل والعياذ بالله
عن آيات ربه وكلماته فرضي بالوساطة لإبليس ثم فرح بقبول التوبة من الله ثم ذهب
مسرعا ليبشر من ؟ ليبشر إبليس ويقول له: أبشر !!!!!!!!!!
وبعد ذلك وقع في الأمر الأخطر وهو افتراؤه على الله وتأليه عليه ، بأن نسب
إليه الرجوع عن قضائه المبرم وحكمه الأزلي في خلود إبليس في النار . وإنا لله
وإنا إليه راجعون .
كل هذه القصة الباطلة لأجل ماذا يسردها الجفري ؟ لأجل أن يبين للناس ماذا يفعل
الكبر بصاحبه.
وصدق القائل: جاء يطبب زكاما فأحدث جذاما.
وها قد رأينا ماذا يفعل الكبر بصاحبه لقد جعله يخالف القرآن ويضرب به عرض الحائط
؛ من حيث لا يدري ؛ ويسيء إلى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، ويجترؤ
على الله تعالى .
هل هذا فعل من عنده أثرة من علم ؟ هل كلامه كلام إنسان واع ؟
أرأيت إذا اجتمع الجهل مع الكبر والغرور ماذا تكون النتيجة ؟
قال الله تعالى: {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد}
3 الحج. وقال عز من قائل: {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان
إنه لكم عدو مبين} 60 يس
قصة إبليس مع العابد برصيص واستدراجه له ..!!
قصة إبليس مع العابد برصيص واستدراجه له
واسمعوا -يا عباد الله- إلى هذه القصة كيف قعد لهم صراط الله عز وجل المستقيم.
يروي أهل التفسير أن هناك عابدا من بني إسرائيل كان يعبد الله عز وجل أربعين
سنة، ولم يصبر عنه الشيطان، واسم هذا العابد برصيص ، ولنسمع إلى حكايته، وإلى العجب
في أمره:
أربعون عاما لم يقدر عليه إبليس ولا أعوانه، فجمع إبليس الشياطين والمردة، وصح عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن لإبليس عرشا على الماء يجمع فيه أعوانه والمردة
من الشياطين، ثم يرسلهم على بني آدم ) يرسلهم على فلان المصلي، وعلى فلان الصائم،
وعلى فلان الراكع، وعلى فلان الساجد، وعلى فلان الذي أسلم حديثا أو قديما ليضلهم عن
سبيل الله.
فجمع أعوانه فقال لهم: من منكم يقدر على هذا العابد؟
لنا أربعون عاما لم نقدر عليه، فجاء الشيطان، ووصفه يسمى الشيطان الأبيض الذي كان يتصدى
للأنبياء والمرسلين، وقال: أنا أتكفل به.
قال: اذهب إليه، فتمثل هذا الشيطان بصورة رجل راهب عابد ساجد لله، فأتاه في الصومعة،
فدخل عليه يناديه فلم يجيبه برصيص ، وقد كان يصلي عشرة أيام، ولا يرتاح بعد
العشرة الأيام إلا يوما واحدا، فدخل عليه الشيطان في صورة راهب، وتمثل له أنه يصلي
بجنبه، وأخذ يصلي بجنبه عشرة أيام.. وانظروا إلى صبره وانظروا إلى طول نفسه، وإلى خطواته
خطوة خطوة.
فلما انتهى من العشرة أيام، نظر إليه العابد من بني إسرائيل، وقال: ما تريد؟
وما شأنك؟
قال: جئت أتمثل بك، وأتعبد الله عز وجل مثلك، وأصلي وأركع وأتأسى بك، فتركه ذلك
العابد وجلس معه يصلي، فزاد ذلك العابد في صلاته، فكان لا ينقطع عن الصلاة إلا
بعد أربعين يوما، ويصوم أربعين يوما، ويفطر يوما، حتى يختبره هل يصبر أو لا يصبر،
فكان الشيطان لخبثه ولمكره يصلي معه أربعين يوما، ويصوم معه أربعين يوما، ولا يفطر إلا
يوما واحدا، ولا يرتاح إلا يوما واحدا، فتحمله سنة كاملة على هذه الحال، يصلي ويصوم
ويذكر الله معه، وتمثل له بأنه عابد راكع خاشع زاهد لا يريد من الدنيا شيئا،
فلما انتهى الحول، قال له الشيطان: ظننت -يخاطب العابد- ظننت أنك تعبد الله خيرا من
هذا، فقد أخبروني عنك أنك تعبد الله وما كنت أظن أنك بهذا الضعف في العبادة.
قال: ماذا تقول؟
قال: أريد أن أبحث عن غيرك يعبد الله أكثر منك.
قال له: اجلس. وكأن العابد قد تشوق إليه.
قال: لا. سوف أتركك لأبحث عن غيرك، ولكني أعلمك كلمات احفظها ينفعك الله بها، قال:
وما هي هذه الكلمات؟
قال: كلمات إذا قلتها على مريض شافاه الله، وإذا قلتها على مبتلى عافاه الله، قال:
وما هي هذه الكلمات؟
فعلمه كلمات ثم ذهب وتركه ثم جاء إلى إبليس، فقال له إبليس: ما صنعت بذلك
الرجل؟
قال: قد أهلكته، قال: كيف هذا؟
قال: اصبر، فذهب الشيطان إلى رجل بين الناس فخنقه وصرعه، فسقط مجنونا، فبحث الناس عن
طبيب، فتمثل الشيطان على صورة طبيب، فجاء إليهم، فقال للناس: أنا أعالجه وأطببه، فأتوا بهذا
المجنون إلى ذلك الطبيب، فقال لهم الطبيب: إن به جنونا لا يقدر عليه إلا رجل
واحد من الناس، قالوا: ومن هو؟
قالوا: برصيص العابد، يقدر عليه ويعالجه، فذهبوا به إلى ذلك العابد، فقرأ عليه تلك الكلمات،
فتخلى الشيطان عنه، فإذا به يرجع معافى كما كان، فخنق الشيطان ثالثا، ورابعا، وخامسا، فانتشر
بين الناس أن هذا العابد عنده كلمات إذا قرأها على رجل مريض شافاه الله، حتى
جاء الشيطان إلى جارية للملك ولحاشيته، فصرعها فذهبوا بها إلى هذا العابد الزاهد.
فقال لهم: إنني لا أقرأ على النساء وطردهم.
فقال لهم الشيطان: اجعلوها في غار عنده، فإذا جنت وصرعت أتاها وقرأ عليها فشفيت بإذن
الله، فجعلوها في الغار. وانظروا إلى خطواته! والله جل وعلا يقول: يا أيها الذين آمنوا
لا تتبعوا خطوات الشيطان [النور:21] ليست خطوة ولا اثنتان بل هي خطوات طويلة، وانظروا إلى
السنوات التي ترقب فيها ذلك العابد.
أتاه الشيطان فقال له: هذه جارية مريضة مسكينة اقرأ عليها لتذهب إلى أهلها، لم تجلس
في هذا الغار لوحدها؟
لربما أتاها أهل السوء، ولربما فعلوا فيها كذا وكذا، انزل إليها، واقرأ عليها ولتذهب، فنزل
ذلك العابد المسكين من صومعته إلى ذلك الغار، فلما اقترب من الغار صرع الشيطان تلك
الفتاة، فلما صرعها ألقت ما عليها من ثياب وهي لا تشعر، فلما دخل ذلك العابد
نظر إلى جسد لم ينظر إليه طوال حياته، ولم يره طوال عمره، نظر العابد إلى
ذلك الجسد فالتفت، فوقع الشيطان في قلبه، فقال: أرأيت؟
فأخذ يذكره بتلك الصورة، وقال: ارجع إليها فاقرأ عليها، فرجع فنظر فإذا الجسد عار، فلا
زال به مرة ومرتين وثلاث حتى وقع العابد على تلك المرأة، فزنى بها!!
أربعون عاما يعبد الله! لكن الشيطان إلى الآن لم يرض بهذا؛ فأخذ يراوده مرتين وثلاث
وأربع حتى وقع عليها مرات طويلة، حتى حملت منه، فجاءه الشيطان وقال له: يا فلان!
أتفعل هذا؟
لو أتى أهلها فنظروا إليها لفضحت ولانكشف أمرك ولتكلم الناس عليك وعلى أمثالك من العباد.
فقال للشيطان: ماذا أفعل؟
قال: اقتلها، ثم تب إلى الله فإن الله غفور رحيم.
فأتاها ذلك العابد بعد أن زنى وارتكب الجريمة الفاحشة، قتلها وقتل ما في بطنها، ثم
قال له الشيطان: اذهب فادفنها في مكان كذا وكذا، حتى لا يراك أحد، فإذا أتاها
أهلها فقل: إن الشيطان صرعها وذهب بها فدفنها.. ثم لما جاء أهلها يسألون عنها: أين
فلانة يا فلان؟
-وانظروا إلى الجريمة الثالثة: الزنى، ثم القتل، ثم الكذب- قال لهم: إن الشيطان قد أتاها
وصرعها وذهب بها، ولا أدري إلى أين، فأخذوا يبحثون عنها، فلما أيسوا رجعوا إلى بيوتهم
وقد صدقوا ذلك العابد، فرجعوا إلى البيوت.
فجاء الشيطان في المنام إلى الثلاثة الذين كانوا يبحثون عن الفتاة فقال لكل واحد منهم:
إن أختكم وجاريتكم لم يذهب بها الشيطان، إنما قتلها ذلك العابد بعد أن زنى بها،
قتلها ودفنها عند جبل كذا وكذا، فلما استيقظوا قال الأخ الأصغر: أنا رأيت في المنام
كذا وكذا، فقال الأوسط: وأنا كذلك، وقال الكبير: وأنا كذلك، لكنهم ذهبوا إلى العابد فقالوا
له: رأينا في المنام كذا وكذا، فقال لهم: تتهموني وأنا العابد؟!
تتهموني وأنا المصلي الراكع الساجد؟!
تتهموني بهذا؟!
قالوا: لا والله لا نتهمك. ثم رجعوا إلى أنفسهم، فجاءهم الشيطان مرة أخرى وقال لهم:
لقد كذب عليكم مرة ثانية، اذهبوا إلى مكان كذا وكذا، وسوف ترون بعض ثيابها لم
يدفن، فذهبوا إلى المكان، فحفروا فإذا بأختهم مقتولة، وإذا بجنينها معها، فذهبوا إلى ذلك العابد
وقالوا له: كذبت علينا قاتلك الله! فأخبروا الملك، فأمر بصلبه، فهدموا صومعته ومسجده، ثم ربطوا
عنقه بحبل وجروه بين الناس ليفتضح أمره، ثم جيء به إلى الملك أمام الناس ليقتل
ويصلب، فجاءه الشيطان فقال له: هل عرفتني؟
قال: لم أعرفك، قال: أنا الذي عبدت الله معك سنة كاملة، وعلمتك الكلمات، قال له:
ماذا تريد؟
قال: إنك إن قتلت افتضح أمرك، وإن قتلت تكلم الناس على أمثالك من العباد، قال:
كيف المخلص؟
قال: هل تريد أن تتخلص من هذا الذي أنت فيه؟
قال: نعم، قال: ولا يراك الناس؟
قال: نعم، قال: اسجد لي سجدة واحدة وأنا أخلصك مما أنت فيه، فلما استكان له
واستجاب له وهو يريد الخلاص، سجد له سجدة واحدة، فلما سجد قال الشيطان له: إني
بريء منك، فقتله الملك على الكفر بالله جل وعلا، قال الله تعالى: كمثل الشيطان إذ
قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين *
فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين [الحشر:16-17].
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.,
اول من بشر بالنار وخطيب اهل النار .{قال فاخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم
لاملان جهنم منكم اجمعين}((الاعراف:18))
يقف ابليس يوم القيامة علي منبر من نار يسمعه الخلائق فيقول :{ان الله وعدكم وعد
الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا
تلوموني ولوموا انفسكم ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخي اني كفرت بما اشركتمون من قبل
ان الظالمين لهم عذاب اليم } ((ابراهيم:22))
يقول بن كثير:
يخبر عما خاطب به ابليس اتباعه بعدما قضي الله بين عباده فادخل المؤمنين الجنات واسكن
الكا فرين الدركات فقام فيهم ابليس -لعنه الله- يومئذ خطيبا ليزيدهم حزنا علي حزنهم وغبنا
علي غبنهم وعسرة علي حسرتهم فقال {ان الله وعدكم وعد الحق}اي عل السنة رسله ووعدكم
في اتباعه النجاة والسلامة وكان وعدا حقا وخبرا صادقا واما انا فوعدتكم فاخلفتكم كما قال
تعالي {يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا} ثم قال {وما كان لي عليكم من
سلطان }اي ما كان لي دليل فيما دعوتكم اليه ولا حجة بما وعدتكم به{الا ان
دعوتكم فاستجبتم لي}بمجرد ذلك هذا وقد اقامت عليكم الرسل الحجج والادلة الصحيحة علي صدق ما
جاؤكم به فخالفتوهم فصرتم الي ما انتم فيه {فلا تلوموني} اليوم {ولوموا انفسكم }فان الذنب
لكم لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم الي الباطل {ما انا بمصرخكم} اي بنافعكم
ومنقذكم ومخلصكم مما انتم فيه {وما انتم بمصرخي }اي بنا فعي بانقاذي اي بانقاذي مما
انا فيه من العذاب والنكال ……………
قال إبليس
1-أذكرنى حين تغضب فأناوحى فى قلبك و عينى فى عينك و أجرى منك مجرى الدم.
2-و اذكرنى حين تلقى الزحف فاننى ألقى ابن آدم حين يلقى الزحف فاذكره بولده و
زوجه و أهله حتى يولى.
3-و إياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإنى رسولها إليك و رسولك إليها.
إذا نظرنا فى عصرنا هذا؛ نجد أن كثيرا من الأمور ينظر إليها على أنها من
الصغائر فمثلا مجالسة النساء أصبحت فى عصرنا هذا أمرا لا نلقى له بالا و نعده
من الصغائر التى لا تؤثر فى ميدان العبادة و لكن هذا ما يزينه لنا ابليس؛
أما فى الحقيقة فهو أمر ليس بصغير حيث ابليس يبدأ بتحقيره ثم يتدرج–فتبدأ بجلسة -ثم
فكرة -ثم شهوة-ثم وقوع فى الزنا و العياذ بالله.
قال رسول الله (ص): لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان؛ عليكم بالجماعة و
إياكم و الفرقة فإن الشيطان مع الواحد و هو من الأثنين أبعد من أراد بحبوحة
الجنة فليلزم الجماعة.
للأمانة هذه القصة منقولة مع تعديل بعض ما فيها مع الإجماع
وأرجو من الله حسن الخاتمة لنا ولكم وأن يجنبنا الشيطان ويجنب الشيطان ما رزقنا
وأن يجعلنا من أهل الجنة
- قصة أبليس اللعين وخروجه من الجنة